كيف تخطّط لمسيرة مهنية ناجحة؟ - برنامج فوكسي لإدارة المحتوى Foxy CMS
كيف تخطّط لمسيرة مهنية ناجحة؟
حجم الخط :
A-
A=
A+

لقد ورثنا عن العقود الماضية نمطَ تفكيرٍ يشجّع على البقاء في الوظيفة ذاتها طوال سنوات العمل؛ فكما حدث مع آبائنا، سرعان ما يُقبَل أحدُنا في وظيفةٍ ما حتّى يتوقّف تماما عن التفكير في تطوير مهاراته والبحث عن وظيفة أخرى، ويُبرمج ذهنه على أنّ مقعد عملِه الحالي هو المُستَقرّ، فيُمضي ما تبقّى من عمره يقوم بنفس المهام ويتقاضى نفس الأجر.. لكنّ هذه الطريقة في التعاطي مع الحياة المهنية صارت “قديمة” اليوم ولم تعد تحظى بالاستحسان مِن قِبل أصحاب الشّركات وأرباب العمل في العالم.

 

اليوم، يسيطر على ميادين العمل نموذجٌ جديد؛ حيث أنّ الوظيفة التي توفّر راتبا شهريا مضمونا لم تعد كافية لتحقيق الرضى على الصعيدين الشخصي والمهني، فقد صار الموظّفون يتّجهون نحو الأعمال الحرّة (Freelancing) كوسيلة لقضاء وقت الفراغ، كسب مال إضافي و -بصفة أهم- إطلاق مشروعٍ خاص قد يصنع لهم مستقبلا أفضل.

إضافةً إلى الاهتمام بمجال العمل الحر، فإنّ الموظّفين اليوم يركّزون جيّدًا على كيفيّة تحصيل أقصى استفادة من العمل الوظيفي بالبحث المستمرّ عن مناصب عمل أفضل سواء في مقرّ شغلهم أو خارجه؛ حيث أنّ هذا الانفتاح والسلاسة في التحرّك من منصب إلى آخر هو ما يثري الرصيد المعرفي وقيمة التجارب التي تميّز الأفراد، ويضيف لمعانًا جذّابًا على السيرة الذّاتية، ويشكّل مسيرة مهنية مثيرة تستحقّ الجهد وترضي الطموح.

 

هناك خطوات ضرورية للتمكّن من بناء مسيرة مهنية ناجحة على المدى الطويل، حيث يمكن اتباع هذه الخطوات في أيّ مرحلة من مراحل حياتك العملية، فما هي؟

اعرف قيمتك

عند التخطيط لمسيرتك المهنية، سواء كنت خرّيجًا جديدًا أو موظّفًا مأجورًا أو حتّى من المستقلّين، فإنّ أوّل ما سيكون عليك الاهتمام به بدايةً هو قائمة مهاراتك ونقاط قّوتك التي تشكّل العمود الفقري لشخصيّتك المهنية؛ حيث أنّ المعرفة الجيّدة لهيكل المهارات ستحدّد بشكل كبير المجال والمسؤوليات التي تكون مناسبة لك بشكل أفضل وستزِيل الضباب عن خطوتك القادمة بطريقة أكثر فعالية.

ولهذا، سيكون عليك أن تنشئ لائحة بكلّ المهارات التي تجيدُها ونقاط القوّة التي تتميّز بها بالاستعانة بمواقع متخصّصة أو باستشارة زملائك في الدراسة/العمل لكي تضمن إحاطتك بكلّ ما قد يحدّد السِّلك المهني الذي تريد دخوله، أو حتى ماهية منصبك الجديد أو إن كان هذا هو الوقت الملائم لقبول الترقية.

أثناء إدراج قائمة مهاراتك، تأكّد من التركيز الجيّد على مهارات الاختصاص، ولا تُغفل الفرق بين “المهارة” و”المعرفة”، فمثلا: إن كنت قرأت كتيّب إرشادات يوضّح طريقة عمل محرّك السيارة، فهذا يشكّل رصيدًا معرفيا بالنسبة لك، وستكون ماهرًا في فهم عمل المحرّكات وإصلاحها عندما تنجح عمليًا في القيام بذلك.

ومهما كانت المهارات التي تتمتّع بها، فإنّه سيكون مثمرًا أن تقوم بتطويرها بشكل دائم، وأن تضيف إليها مهاراتٍ جديدةٍ مطلوبةٍ في سوق العمل، وأن تنظر إلى تطوير المهارات واكتسابها كهدفٍ قائم بحدّ ذاته يتمّ أخذه بعين الاعتبار عند التفكير في الحركة القادمة أثناء التخطيط؛ فمثلا: قد تقرّر القيام بالتطوع في مؤسسات خيرية وأخذ منصب مسؤولية  بهدف تطوير مهاراتك القيادية.

هل أنت مستعدّ؟

لِنَقُل إنّك عرفت مؤهّلاتك العملية وحدّدت ما يمكنك القيام به، فهل أنت مستعدّ لتجاوز مستوى الإمكانيات التي سطّرتها؟

عندما تحظى بعمل يحترم حدود ما تستطيع فعله، فإنّك تكون محميًا -نوعًا ما- لأنّك تلعب في إطار ما تُجيد، ربّما يكون هذا أمرًا جيّدًا على المدى القصير لأنّك ستكون مرتاحًا في عملك خارج منطقة الضغط والقلق؛ لكن على المدى البعيد، سيكون هذا خطأ جسيمًا في حقّ نفسك.

إنّ العمل الذي يشكّل تحدّيًا لقدراتك ومهاراتك ويُجبرك على تحسين مستواك بشكل دوري وعلى التّعلم المتواصل والاكتساب الدائم هو العملُ الذي سيُفيدك على المدى الطويل، لأنّه سيُضيف إلى رصيد تجاربك وخبراتك ومعلوماتك أشياء جديدة تجعل منك أفضل، وستغادره في نهاية المطاف وقد صرت أحسن.

فاليوم، لم يعد العمل يشكّل مصدر رزق فقط، بل صار العمل يُعتَبر جزءًا من الحياة الشخصية للإنسان لأنّه يأخذ الكثير من وقته وجهده ومساحات تفكيره، ولذا صار الناس ينظرون إليه كتجربة حياتية يُفترض بها أن تضيف إلى القيمة المعرفية والذاتية للفرد، وليس إلى رصيده المالي فحسب.

سيهمك أيضًا:هل تعلم أنّ للسعادة وجهًا آخر؟ تعرّف على نظريّة “Flow”

لا للعزلة

عندما نتحدّث عن التخطيط للمسيرة المهنية، فإنّنا -بطريقة أو بأخرى- نتحدّث عن التخطيط لما تريد فعله بحياتك، وهذا عبء كبير، ومسؤولية يجب أخذها بجدّية والتعامل معها بتأنٍّ؛ وعندما تبدأ باختيار المؤسّسات التي تريد العمل معها ومناصب العمل التي تطمح بتجربتها، فإنّك تصنع مسارًا مهنيًا مُشكّلا من العديد من القرارات المصيرية التي ستحدّد مجرى حياتك.

ولهذا، فإنّه من الحكمة عدمُ الانفراد باتخاذ القرار واستشارةُ الأشخاص ذوي الخبرة سواء من الذين يعملون في المؤسّسات التي تريد العمل فيها كي يقدّموا لك معلومات كافية عن محيط العمل وطبيعة التّجربة، أو أولئك الذين حقّقوا نجاحا مهمّا في حياتهم المهنية وتؤمن بحكمة رأيهم وصوابه، أو أولئك الذين انتهجوا طرقًا غير تقليدية في العمل فَهُم أكثر من قد يفيدك بأفكار جديدة ونصائح جوهرية تساعدك على صقل خططك وطموحاتك؛ ولا تغفل عن مطالعة المواضيع التي تتعلّق باستراتيجيات التخطيط الفعّال على المدى القصير والطويل لأنّها تفيد في جعل الطريق المرسوم أكثر نُضجًا وواقعية.

خذ مسيرتك المهنية على محمل الجدّ، وانتهز الفرص لتنهل من خبرة معارفك على أرض الواقع ولتتعلّم من مسارات النّاجحين في العالم، وتعلّم من الآخرين قدر المستطاع.

المثاليةُ وَهْمٌ

أثناء كتابة خططك، كن واثقًا، متفائلا، وواقعيا بالقدر الذي يجعل تحقيقها ممكنًا؛ وعندما تنتهي من كتابة الخطط، كن متأكّدًا أنّ الحياة قد توافقك الرأي، ولكنّها في أحيان كثيرة لن تلبّي رغباتك بسهولة.

إذا ما فاتك موعد مقابلة عمل أو لم تنجح في إقناع المسؤول بأهليتك أو لم تتمكّن من تنفيذ خطوات الخطّة، لا تضيّع وقتك في الحزن على ما مضى، بل استثمره في معالجة المشاكل وإصلاح الأخطاء، وعُد دوما إلى خطّة مسيرتك المهنية لتعدّل بما يوافق أفكارك الجديدة ومهاراتك المكتسبة حديثا، قم بالتعديل حسب ما يحدث على أرض الواقع مِن رفضٍ من طرف المؤسسات إلى اكتساب شهادة جديدة أو تجربة عمل لم تكن في الحسبان.. وكن متأكّدًا أنّ الهدف الأسمى من التخطيط ليس برمجة ما سيحدث في حياتك حرفيا، وإنّما الهدف من وضع أهداف وخطوات واضحة هو تنظيم أفكارك وتبيين رغباتك وتحديد قدراتك ومكانك اليوم والمكان الذي قد تصل إليه غدًا.

تعايش مع التغييرات التي تفرضها الظروف، وتعلّم من أخطائك وراجع خططك بشكل دوري كي لا تفقد الهدف من المسار.

أضف تعليق